نظرة عامة

عندما نصف لقاء مارس، فإننا غالباً ما نجد صعوبة في كيفية شرح هذه الفعالية -فهي ليست بالمؤتمر الرسمي ولا بالندوة بمعناها الحرفي - إن طبيعة هذه المناسبة التي تمر الآن بعامها التاسع لاتزال تتأثر وتستمد إلهامها من الأهداف الأولى التي عُقدت من أجلها في عام 2008. في ذلك الوقت، تمت دعوة أربعة وعشرين مشاركاً للأنضمام إلى ما تم وصفه بأنه لقاء بين مجموعة من المؤسسات الفنية في العالم العربي للقيام بمهمة واضحة تتمثل في "معالجة القضايا الملّحة التي تواجه الفنانين والمؤسسات الفنية مع التركيز على الحاجة إلى تنظيم لقاءات بين الفنانين، والقيّمين، والمنتجين، وممارسي الفن من مختلف أنحاء العالم، وتوفير فرص التعارف بينهم".

ورغم أنه أصبح أكبر حجماً بعض الشيء، فإن لقاء العام الحالي في مارس 2016: التعليم، التفاعل، والمشاركة، يعكس عبر موضوعاته روح اللقاء الأصلي، والذي تم ابتكاره كمناسبة لتشارك المعرفة والخبرة، وكمنصة التقاء لأشخاص وأفكار جمع بينها إيمان متفائل بقوة التشارك ضمن هذا المجتمع.

يتناول الموضوع أيضاً القضايا التي نجد صعوبة في التعامل معها باعتبارنا مؤسسة اقتصرت بداياتها على إقامة بينالي إقليمي صغير، ثم تنامت فيما بعد لتصبح مؤسسة تعمل على مدار العام، وقد أنجزت بنية أساسية دائمة وإدارات وبرامج تخصصية. لقد سمحت هذه التطورات لمؤسسة الشارقة للفنون بأن تصبح أكثر قدرة على تلبية احتياجات مجتمعاتنا وجماهيرنا ولكنها دفعتنا في الوقت نفسه إلى التساؤل واختبار الافتراضات الأساسية للعمل الذي نقوم به.

ولقاء مارس 2016، يجمع بين عدد من الجلسات التي تستطلع مختلف جوانب موضوع العام الحالي، حيث يتم بحث الأولويات المؤسسية في مواجهة التطور والتوسع/من خلال منظور مؤسسات متنوعة مثل التيت في لندن والتاون هاوس في القاهرة.

كما يتم بحث نماذج جديدة من ممارسات التقييم من قبل حلقة من الممارسين يعملون مع مجتمعات تشاركية خارج الإطر المؤسسية التي تم ارساؤها. كما أن استراتيجيات ترسيخ التعليم في عمل البيناليات، هو موضوع جلسات سوف تبحث بعض الأمثلة من جوجا، وكوشي، وليفربول، ولوبومباشي، ومراكش. وأيضاً سوف يتم استكشاف التعليم الفني من خلال جلسات تتناول بعض الأعمال في سياق دولة الإمارات العربية المتحدة، وأخرى تبحث في طبيعة الأولويات الإقليمية لتعليم الفنانين وغيرهم من ممارسي الفن.

وإلى جانب تلك الجلسات، هناك عشرة عروض تقديمية لمتحدثين تم اختيارهم عن طريق الدعوات المفتوحة التي أعلن عنها للمشاركة في لقاء مارس 2016. إذ أصبحت تلك الدعوات سمة متكررة للقاءات مارس السابقة، وقد أسعدنا إدراجها مجددًا ضمن البرنامج الحالي لهذا العام.

ينتهي اللقاء بعروض لثلاثة فنانين وجمعيات - ساندي هلال التي تمثل "جمعية دار للتخطيط المعماري والفني" من فلسطين، وفريد راكون من "روانجروبا" في أندونيسيا وريك لوي من هيوستون. يقدم عمل هؤلاء الفنانين مع المجتمعات وداخلها أمثلة محفزة للفكر والممارسات التعاونية.

يشارك في العام الحالي أكثر من أربعين متحدثاً. وقد كنا سعداء بدعوة بعض الزملاء الذين حضروا إلى الشارقة من قبل، وأيضاً دعوة عدد كبير من الأشخاص الذين لم يسبق لهم زيارة الإمارة. كما نود التقدم بالشكر إلى كافة المشاركين على استجابتهم الكريمة، والشكر موصول أيضاً إلى كل من تفاعل معنا في الرد على الدعوات المفتوحة، غير أننا لم نتمكن من استيعابهم جميعاً لالتزامنا بوقت محدد.

إن موضوعات التعليم، التفاعل، والمشاركة، واسعة بما يكفي لتبرير إقامة مؤتمر قائم بذاته لكلّ منها. ونحن لا ندّعي إمكانية تغطية هذا المجال بشكل شامل في إطار لقاء مارس الذي يمتد ليومين فقط، وإنما نأمل أن تتيح لنا هذه المناسبة البدء في إجراء استطلاع مستمر لاحتمالات العمل والتعلم معا كأفراد ومؤسسات ومجتمع.

حور القاسمي
رئيس مؤسسة الشارقة للفنون