نظرة عامة

كرّمت الدورة الثالثة عشر من بينالي الشارقة في حفل افتتاحها أول من أمس الفنانين الفائزين بجوائز البينالي لعام 2017، ومنحت لجنة التحكيم المؤلفة من عضوية الدكتور يوسف عيدابي وإنجونة فال وأدريانو بيدروسا الجوائز بالتساوي للفنانين التالية أسماءهم: انجي إيفينز وأوريل أورلو ودينو سيشي بوباب ووليد سيتي، كما منحت جائزة تقديرية للفنان الفلسطيني الراحل علي جابري (1943 – 2002) مخصصة لترميم أعماله الفنية، وقام حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بتسليم الفائزين جوائزهم.

وينتمي العملان الفائزان للفنانة التركية انجي إيفينز "فتيات هاربات" 2015، و"بويز تحت الأرض" 2017 إلى فن الفيديو مستكملة من خلالهما ما عرفت به مسيرتها الفنية من تخيل أشكال بديلة للوجود والتعبير، تقوم بواسطتها بمساءلة الأعراف الجندرية وتمثيلاتها. يتسم "فتيات هاربات" الذي جرى تصويره في مستودع مهجور، بغموضه - فنحن دائماً في تشكك من النوع الاجتماعي وهوية الشخصيات، أو من يطارد من، أو الخط الزمني للمشاهد، وما إذا كانت هذه المشاهد خيالية أم مأخوذة عن الواقع. بينما يحفر "بويز تحت الأرض" عالماً بديلاً في الزمن الحاضر، حيث تخلق الحكومات الجائرة والفاشلة أعداءً وهميين للتغطية على إخفاقاتها. ومع عدم توفر زمني الماضي والمستقبل كنقاط مرجعية للوعي الحاضر، لا يكون أمام مجموعة من الشعراء والفنانين إلا أن يتجهوا للعمل السري.

ويتموضع عمل الفنان السويسري أوريل أورلو الفائز "العرش ضد مافافكوي" في سياق علاقة المستعمِر بالمستعَمر، والسكان الأصليين بالمستوطنين من خلال تقديمه حملة الاستعمار والمستوطنين البيض ضد المداوين بالأعشاب في جنوب أفريقيا من خلال استعادة محاكمة - يقدمها أورلو عبر قنوات فيلمية متعددة - جرت لأحد هؤلاء المداوين في أربعينيات القرن الماضي اتهم فيها بـ "سلوك غير تقليدي" لتطويره وصفات تجمع بين المكونات شعبية والممارسات التقليدية، جنباإلى جنب مع الطب الغربي الحديث. وعلى الرغم من أن المؤسسة الطبية البريطانية هي من وجهت التهم ضد مافافوكي في الأصل، فإن عدداً من تجار الأعشاب والمعالجين المحليين قد شهدوا أيضاً ضد المتّهم. تبحث قناة الڤيديو الأخرى في الممارسات الطبية في جوهانسبرج، ومقاطعة الكاب الغربية وكوازولو ناتال، حيث يشكّل كل من هواة جمع النباتات والتجار والمعالجين والمرضى اقتصاداً مزدهراً يثري الحياة والثقافة المعاصرة.

وفي سياق متصل يتخذ دينيو سيشي بوباب من الممارسات الاستعمارية وحركات التحرر مجالاً حيوياً لمقاربته الفنية عبر أعماله النحتية وربط عناصر الطبيعة بالدلالات الفنية، حيث تعكس منحوتاته أغنية انتشرت إبان الاحتجاجات ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وشكّلت جزءاً من نضال تحريري شمل القارة بأسرها. يعقد قسم من البحث المعنون +/- 1791 _نصب تذكاري لثورة هاييتي 1791 (2016 – 17) مقارنة بين تحرير الأرض والتحرر الروحي عبر الثورة، والمصادر البيولوجية والشعور بهبات الأرض. يستكشف العمل المستلهم من الثورة في هاييتي ضد الاستعمار الفرنسي، كيف عجّلت شعائر "الفودو" من ثورة شعب هاييتي ضد جلاديهم. يتألف عمل بوبابه +/- 1791 من عناصر متعددة ترتبط بالجماليات الروحية للشتات الأفريقي، وقد جرى استقدام أعشاب ذات خصائص وقائية وعلاجية إلى الشارقة، مثل الأوراق الذهبية، والزيوت، والتراب من جنوب أفريقيا، ومصر، والمغرب، والكونغو، وفلسطين، وغيرها من أمكنة.

بينما يتأمل رابع الفائزين العراقي وليد سيتي عبر عمله المُنجز بتكليف من بينالي الشارقة 13، "الرايات الزائفة" (2017)، ارتباطنا الهش بتلك الرموز الأيقونية التي تعبّر عن الهوية. لا يوحي عنوان العمل بأن الرايات تقف عاجزة في كثير من الأحيان عن تصوير مشاعر الفخر لشعب ما فحسب، بل وأن مكانتها الرمزية قد باتت مُسخّرة في خدمة الدولة والنزاع على الأرض الذي تمليه مصالح قوى بعيدة تعمل بالوكالة. ومن خلال هذه العلاقة المعكوسة مع الشكل التقليدي للراية، يتسم "الرايات الزائفة" بتوظيفه للشبكات وغياب اللون والأشكال الممزقة. تفتح تلك الكيانات المشردة المجال لدراسة النضال الجمعي ومشاعر الانتماء، سواء داخل الدولة القومية أو على الرغم منها، وغير ذلك من الإيديولوجيات.

ويحتفي بينالي الشارقة 13 بعلي جابري من خلال عرض أعماله في فن الكولاج، الأقل ذيوعاً. ويعد عمله "بدون عنوان" (1989-1992)، الذي أبدعه خلال حرب الخليج الثانية، ذا دلالة رمزية على خيبة أمل جابري تجاه العالم العربي الحديث. تكونت أعمال الكولاج الصحافي التسعة من وسائط عديدة، من خلال وضع قصاصات مجلات تصور مسيرات لميليشيات ورموز القومية العربية، وعناوين أخبار، ولتعرض داخل صناديق خشبية حافظة، فتدعو المشاهد إلى إمعان النظر في الأعمال بدلاً من مشاهدتها وهي معلقة على الحائط. ويمثل عمله الذي يحمل عنوان "عمّان بعد منتصف الليل" (1991)، رحلة من مطلع الشمس إلى ما بعد الغروب في أنحاء مدينة عمّان ومقاربتها من وجهة نظر سائق تاكسي، رؤى مشتتة ومتنوعة في آن، مشوشة لكنها قطعاً بنت المدينة. فيما يعبّر عمل آخر يتصّل أيضاً بملاحظة مرور الزمن، وهو "التقويم" (2000)، عن التحولات الموسمية من خلال 12 لوحة غنيّة بالألوان.

لتحميل البيان الصحفي يرجى الضغط هنا.