نظرة عامة

تنبع أعمال الفنان منعم واصف المشتغل في مجال التصوير الفوتوغرافي على نحوٍ أساسي، إضافة إلى عمله في الفيديو والصوت، من تركيزه لفترة زمنية طويلة على الأمكنة وتواريخها، ولا سيما تلك التي تصب في سياق تاريخ بلده الأم بنغلاديش وأماكنها. ومع مرور الوقت، تحولت مقاربته الوثائقية التي تبدو سطحية ظاهرياً إلى فهم أعمق للأمكنة والاقتصاديات والثقافات الموجودة تحت السطح مباشرة.

وفي عمله الفني الذي يحمل اسم "شؤون الآلة" (2017)، يسبر واصف موت صناعة الجوت في بنغلاديش وبالتالي قطع أرزاق الأناس الذين كانوا يعتمدون فيما مضى على "الليف الذهبي". وكانت صناعة الجوت قد حظيت حتى منتصف القرن العشرين بحضور قوي في شبه القارة الهندية، وذلك نظراً إلى استخدام خيوط الجوت لتعبئة محاصيل العالم من القطن والبقوليات والقهوة والسكر، علاوة على الإسمنت. لكن مع انتقال مركز القوة من شرق البنغال إلى باكستان بعد التقسيم في عام 1947، أضحت هذه الصناعة الرافد الأكبر لإيرادات البلد الوليد، ما حرم صغار المشتغلين في هذه الصناعة في شرق البنغال من أرباح الجوت، وأخرج المصانع عن الخدمة، كما شهد الإنتاج الإجمالي انخفاضاً على ضوء الاستخدام الواسع النطاق للمواد المصنّعة وحركة الحاويات وسفن الشحن النشطة.

ومن خلال تصوير لقطات طويلة وثابتة، يحول الفنان عدسته إلى مطحنة جوت مهجورة وإلى عمال سابقين دأبوا على تشغيل الآلات- اتحاد الإنسان والآلة الذي شكّل قلب صناعة أساسي، أما اللقطات المقرّبة التي يظهر فيها بشر فهي لقطات عامة، تتحاشى التركيز على الوجوه، ما يوحي بالتشابه الكامن بين جمود الأجساد والآلات الخاملة المحيطة بهم، كما تعمّد الفنان جعل مشهد موقع الإنتاج هذا الذي كان يوماً مكاناً مزدهراً مرتبطاً مع دورة المال العالمية خالياً من أي حركة، ولولا النسمات العليلة والمياه المترقرقة والريش المتطاير وأشعة الشمس، لكان المشهد جامداً وثابتاً.

مواضيع ذات صلة

منعم واصف: أعمال متنوعة (2017-2019)

منعم واصف

في أعماله في الفوتوغراف والفيديو، يبحث منعم واصف في مفاهيم "الوثائق" و"المحفوظات" وما يقابلها من تأثير على القضايا المعقدة سياسياً وجغرافياً.