تنعقد الدورة السابعة عشرة من لقاء مارس السنوي في مؤسسة الشارقة للفنون أثناء شهر رمضان المبارك، شهر العطاء والتواصل، وللكثير من قيم هذا الشهر أن تتجسد في اللقاء، أولها "التواصل" وتبادل الأفكار والآراء والتطلعات، كما أن اندراج أعمال لقاء مارس 2025 تحت عنوان "في رِحالنا الأغنيات"، يجعل من الروح الجماعية زاداً لتطلعاته، وقوة حيوية في صون المعرفة ونقلها، منطلقاً من تساؤلات جوهرية ماثلة في: ما الذي يبقى محفوظاً، وما الذي ينتقل عبر الجسد، عبر الصوت، وعبر تلك التضامنات الصامتة الحاضرة في تفاصيل الحياة اليومية؟
لنا أن نكون شهوداً "في رِحالنا الأغنيات"، أن نرفض النسيان، فللأغاني أن تكون خريطة، أو دليل إبحار، أو تعويذة تدرأ الخطر، أو حتى إيقاعاً يوحد الأنفاس. الأغاني وهِبت لنسمعها جماعات، ليمسي الإنصات فعلاً بيداغوجياً أو تعليمياً، وعليه فإن لقاء مارس 2025 ينطلق من شعرية الشهادة، من اتساع المنظور القانوني ليشمل الحسي، وتحول الأرشيف إلى تجربة عابرة للأجيال. وعبر تمازج الحنان بالحنق، ترتفع الأصوات حداداً على ما فُقد، بينما يشرع الحلم على الذي لم يولد بعد.
تنسج الإحياءات الصوتية، والمراثي، والسرديات الشفوية للشعوب الأصلية خيوط التضامن، وبالتالي ترسم خرائط العلاقات الإنسانية وتصوغ ملامح الرعاية واسترداد الحقوق. يتشظى تصور الدولة ككيان ثابت عبر الخيال والسينما والتاريخ الشفاهي، ما يفسح المجال لتصورات جديدة حول الهوية والانتماء، بما يجعل من النقاشات تتبعاً لمسارات اقتصادات نشأت في ظل الإقطاعية والاستعمار، إلى جانب حركات أسست هياكل بديلة للصمود والمقاومة، وليكون السؤال: كيف يمكننا بناء شبكات الصمود هذه والمحافظة عليها؟ وفي كل مساء من لقاء مارس 2025، تتجسد لحظات التشارك عبر العروض الأدائية، وموائد السحور، والنقاشات المتبادلة، لتشكل فضاءً جماعياً للاحتفاء بروح التضامن والتواصل.