باني خوشنودي تقدم فيلم "كما في تلك اللحظات الوجيزة" (2014) للفنان نداء سنقرط:
"التقيت نداء سنقرط أول مرة عام 1999 في أوستن، تكساس، أثناء دراستي للسينما هناك، وهو نفس المكان الذي درس فيه قبل انتقاله إلى نيويورك. كان لنا بعض الأصدقاء المشتركين وسرعان ما اكتشفنا تاريخنا المشترك كطفلين مهاجرين من الشرق الأوسط، حيث هجّرت عائلة نداء من فلسطين، وغادرت عائلتي إيران بعد الثورة، ولتجد العائلتان مستقرهما في ذات المدينة في تكساس. نزحت العائلتان، وضاعت الأرض والأمكنة، واندلعت المقاومة وحركات التمرد، واختفى الناس، وتشوهت التواريخ والثقافات، وعليه كانت سردياتنا الإقليمية، مرتبطة بطريقة أو بأخرى رغم اختلافها. لقد سبق أن رأيت عمله التركيبي السينمائي "مسير أنوك رقم 3" (1998) (الفيديو المعروض هنا "كما في تلك اللحظات الوجيزة" هو إحدى تنويعات سلسلة "سينما أفقية" الأحدث). نرى شريطاً فيلمياً 16 مم ينساب من جهاز عرض صنعه الفنان بنفسه، ثم يتحرك الفيلم بفعل مجموعة من أجهزة الاستشعار التي تستجيب لكل خطوة وحركة يأتي بها الزوار في المكان. كانت هذه من أوائل المرات التي أرى فيها فيلماً على هذا القدر من الحسية، بوصفها متسيدة للزمان والمكان، مفككة عناصر المدة والتسلسل بينما تتحرك الصور الثابتة جيئة وذهاباً. دفعني الفيلم من خلال العنصر الزمني المتأصل فيه إلى التأمل بقدرة المونتاج غير المتسلسل أو المونتاج المتشظي على وضع الفيلم في سياق الزمان والمكان دون تجاوزهما أبداً. وعندما أتذكر تلك التجربة، أرى الفيلم على شكل تجسيد شعري لحالة الضياع والانقطاع والنزوح، وأدرك أنه ترك فيّ انطباعاً حسياً دائماً، معيداً تعريف الطريقة التي تتداخل فيها الصورة المتحركة مع أجسادنا. يحظى المشاهد بالإرادة، ويصبح هو نفسه أداة عرض، ويساهم في الحيز الاجتماعي النفسي الذي تملأه قصصنا. أرى الآن مدى تأثير هذا الفيلم عليّ شخصياً، وعلى مفاهيمي الخاصة عن الوقت والتكرار والذاكرة وكيفية تجسيدها في أعمالي".
عن الفيلم:
يوثق الفيديو عمل "كما في تلك اللحظات الوجيزة"(2014)، وهو جزء من عمل الفنان "سينما أفقية" (1998-لتاريخه) المتأسس على سلسلة من الأعمال التركيبية الفيلمية التفاعلية التي تحركها أجهزة استشعار. تقدم السينما التقليدية العالم من خلال إعادة تمثيله بواسطة تنظيم الزمان وتخطيط المكان بأنماط متجذرة في الحضارة الغربية. إلا أن آليات أجهزة السينما الأفقية تأخذ بالوجه الآخر لآلات العرض التقليدية، بحيث لا تعود الصور المعروضة حبيسة 24 إطاراً في الثانية، بل تتحرك بوتيرة متغيرة وفق حركة الجمهور. وعلى غرار خطوط محراث الحقل، يسجل الفيلم كل خطوة بخدوش أفقية على الشريط الفيلمي، مسلطاً الضوء على تجربة مشتركة، ويعاد تركيب عناصر المفردات الفيلمية على شكل صور تسبق حركات الجمهور أو تتبعها، مكونة عدة مستويات مؤقتة يتشكل فيها الماضي والحاضر والمستقبل في آن. وتجتمع التواريخ المتوازية للسينما والحرب والإدراك والصدمة في هذه القواعد البديلة، كامتداد طبيعي لأولئك الذين يُغذّى وعيهم بحقائق ممزقة عن مناطق جغرافية عديدة.
عُرض هذا العمل في العديد من الفعاليات والمؤسسات، بما في ذلك كيوسك، غنت، بلجيكا (2018)؛ بينالي الشارقة 13 (2017)؛ بينالي تايبيه العاشر، تايوان (2016)؛ مركز بوزار للفنون الجميلة، بروكسل (2015)؛ ومسرح بلاك بوكس، أوستن (2002).
أُنتج العمل بدعم من أكاديمية شلوس سوليتود، شتوتغارت، وأكاديمية ميرز، شتوتغارت