نظرة عامة

تقدّم مؤسسة الشارقة للفنون وغاليري سربنتين بالتعاون مع معهد إفريقيا معرضاً فردياً لأعمال الفنانة السودانية كمالا إبراهيم إسحاق (مواليد 1937)، ويقام المعرض هذا الخريف في غاليري سربنتين ساوث في لندن، ويتأسس على معرضها الاستعادي الأول "نساء في مكعبات بلورية"، الذي أقامته مؤسسة الشارقة للفنون عام 2016.

لا تعتمد إسحاق في ممارستها المتفردة والمترامية على أسلوب واحد أو مدرسة واحدة، حيث تتبنى مختلف المشاهد والتواريخ والشخصيات وتعبّر عنها من منظور تجربتها الخاصة. يحتفي المعرض بأهمية إرثها الفني وسعة أفقه، ويتضمن أعمالاً تُعرض للمرة الأولى، بما يتيح للجمهور فرصة التعرف على عوالمها اللا متناهية.

تتمحور أعمال إسحاق حول مواضيع متعددة، فتشتمل على المرأة والروحانية وسرديات الثقافة السودانية. ويضم المعرض أعمالاً أنتجتها منذ الستينيات إلى الوقت الحاضر، وتتراوح ما بين اللوحات الزيتية، والأعمال الفنية على الورق، والمصنوعات اليدوية من نبات الكالاباش، وورق الترشيح والطبول الجلدية، إلى جانب أعمال التصميم الغرافيكي وبعض المواد من أرشيفها الشخصي، بغية وضع سياق متسق مع مسيرتها البارزة وتجاربها الحياتية التي عايشتها في السودان حيث أقامت وعملت معظم حياتها، أو خلال الفترة القصيرة التي أمضتها في لندن وعمان في التسعينيات وبداية الألفية الثالثة.

تكرّم إحدى لوحاتها الأخيرة "بلوز للشهداء" (2022) شهداء المظاهرات السليمة في الخرطوم الذين قضوا في مجزرة القيادة العامة في شهر يونيو 2019، وراح ضحيتها مئات الأشخاص بين شهيد ومصاب. تستكشف إسحق العلاقة بين البشر وبيئتهم الطبيعية من خلال تخيّل ضحايا المجزرة كأشكال نامية شبيهة بالنباتات، وتتكرر هذه الثيمة في لوحة "بيت المال" (2019)، التي تستمد عنوانها من اسم الحي الذي عاشت فيه طفولتها، فتعمد إلى رسم الذكريات والروابط الأسرية في مشهدية مستوحاة من ذلك الحي، حيث ترتبط العائلات عن طريق جذور الأشجار التي توحّدهم مع البيئة المحيطة بهم.

تعتبر كمالا إبراهيم إسحاق واحدة من أبرز رواد الحداثة في السودان، وقد أثّرت ممارستها الفنية الممتدة لخمسة عقود على مشهد الفن الحديث على المستويين العربي والإفريقي، وكانت من أوائل المتخرجات في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم عام 1963، وساهمت في مدرسة الخرطوم قبل أن تشارك في تأسيس المدرسة البلورية في السبعينيات، وهي حركة فنية مفاهيمية سعت إلى تخطي تقاليد الأطر الإسلامية الذكورية التي كانت سائدة في السودان، حيث نادى بيانها، الذي وقعته مع طلابها، بعناصر جمالية جديدة تركز على الشفافية والتنوع.

تتأسس ممارسة إسحاق على التاريخ الثقافي السوداني من عصور ما قبل التاريخ وصولاً إلى العصور المسيحية والإسلامية، وتتأثر أيضاً بالميثولوجيا، والنباتات في حديقتها الخاصة في الخرطوم، وحكايات الأرواح التي تناقلتها أجيال من العجائز. فضلاً عن ذلك، يظهر جلياً انشغالها بأعمال الرسام والشاعر البريطاني ويليام بليك، لا سيما استكشافاته للروحانية والتجسّد عبر قوة الشعر السامية، وذلك من خلال تأملاتها بالطقوس الروحانية والعلاجية السودانية والمعروفة باسم طقوس الزار. تشتهر إسحاقبلوحاتها ذات الوجوه والأشكال المشوهة، وألوانها الترابية والكامدة.

معرض "كمالا ابراهيم إسحاق: الوحدة في التنوع" من تنظيم مؤسسة الشارقة للفنون وغاليري سربنتين، بالتعاون مع معهد إفريقيا في الشارقة، ومن تقييم حور القاسمي، رئيس مؤسسة الشارقة للفنون؛ وصلاح محمد حسن، مدير معهد إفريقيا وأستاذ بجامعة كورنيل؛ وميليسا بلانشفلور، قيّم المعارض والفن العام في غاليري سربنتين؛ وسارة حامد، قيّم مساعد في غاليري سربنتين.

مواضيع ذات صلة

كمالا ابراهيم إسحاق: الوحدة في التنوع

كمالا إبراهيم إسحق

تعتبر كمالا إبراهيم إسحق واحدة من أبرز فناني ورواد الحداثة في السودان، وقد شكّلت عبر دورها التعليمي مصدر إلهام لجيل من الفنانين الشباب السودانيين، ما جعلها مرشدة لإحدى الحركات المفاهيمية الهامة التي عُرِفت باسم المدرسة البلورية.