نظرة عامة
عُرِفت الفنانة يايوي كوساما لاستخدامها الأشكال المتكررة والشبكات والتنقيط، إضافة لاعتمادها على بيئات واسعة النطاق، وقد اختبرت كوساما في عملها مجموعة متنوعة من الوسائط شملت الرسم والنحت والأفلام وعروض الاداء. ومع انتقالها من اليابان إلى الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي، حازت مكانة متقدمة في الحركة الفنية الطليعية في نيويورك الستينيات، واعتبرت مساهمة أساسية في تطوير "البوب آرت".
ظهر هوس كوساما بالتجريب في العاشرة من عمرها مختبرة التنقيط والأشكال المتكررة وهي تغطي بها الصور الفوتوغرافية تارةً وترسم عليها بغية طمسها تارةً أخرى. وقد عُرف ذلك بـ "طمس الذات" الأمر الذي اشتغلت على تطويره بحيث امتد منذ رسومها المبكرة وأعمال الكولاج ليشمل بعد ذلك الأفلام وعروض الأداء.
قام هال ريف عام 1968 بتوثيق أداء "طمس الذات" بالتنقيط من خلال التقاط الصور الفوتوغرافية لهذا العمل، وتظهر الفنانة فيه وقد كست نفسها بثياب بيضاء ملتصقة بالجسد - بشرة ثانية للجسد- وقد غطتها النقاط السود، وبدت تلك النقاط تتدفق من جسدها، منتشرة على سطح الغرفة وأثاثها البسيط، على شيء من التمويه والتواري، بما يسمح للفنانة أن تبقى متخفية - غير مرئية - بالنسبة للعالم.
إن جمهور هذا المعرض مدعوون للمشاركة بـ "غرفة الطمس" (2002)، بحيث يتحوّل ما له أن يكون أثاثا منزلياً تقليدياً بلونه الأبيض إلى أعمال تركيبية تشاركية، حيث تُوزع على الحضور ملصقات على شكل نقاط ذات ألوان برّاقة ويُطلب منهم لصقها على أسطح الغرفة وأثاثها، ومع الوقت ستمسي تلك الأسطح مغطاة بالكامل والغرفة متغمدة بلون باعث للخدر. ويقدّم المعرض أيضاً مختارات من أعمالها على الورق التي أنتجتها في خمسينيات القرن الماضي قبل انتقالها إلى الولايات المتحدة، مسلطة الضوء من خلال هذه الأعمال المنمنة والمنجزة بحساسية عالية على اكتشافاتها الأولى للتنقيط وأنماط الشبكات التي غدت من خصائص أعمالها لاحقاً. كما يتيح معاينة أعمال الكولاج المحمّلة بهلوساتها وأجوائها الفانتازية التخييلية المتلونة ما بين السبعينيات والثمانييات، ولتشكّل هذه الأعمال مكوناً رئيساً لهذا المعرض، إذ أنتجت بعد عودتها إلى اليابان قادمة من الولايات المتحدة، وساهمت في صياغة بصمتها الخاصة في "الشبكات اللا متناهية" وأشكال التنقيط في منظور حلمي غنائي سريالي.
يرجع اختيار كوساما للكولاج وسيطاً فنياً إلى صداقتها مع الفنان جوزيف كورنل وما ألهمها إياه، حيث وهبها مجموعة من أعمال الكولاج الخاصة به قبل وفاته عام 1972. عُرِف كورنل بتجميع الأشياء التي يعثر عليها، عدا عن هوسه بالطيور الذي قاد كوساما إلى أقفاص العصافير بوصفها مرجعيات حاضرة في كولاجاتها. الطير وكائنات أخرى تلتقي في دوائر متأسسة على نحو شائك لتظهر كما لو أنها نواة محاطة بالهالات والحواف العضوية الحرة.
تظهر المجسمات الطبيعية والبشرية فيما اسمته "مجمع المنحوتات" وغالباً ما يشار إليه بـ "التراكمات" أو "المنحوتات الطرية"، وتحضر في هذه الأعمال الأشكال العضوية وهي تنبثق من أسطح مصاغة بعناصر مسبقة الصنع كأن الطفيليات تجتاحها وتغطيها. كما تحيط انتفاخات المجسمات البشرية ذات اللون الفضي القزحي بقارب تجذيف أشبه بالميزان، شكل له أن يكون مشابها لشبكاتها اللامتناهية.
يختتم المعرض بآخر أعمال يايوي كوساما، والتي تتمثل بـ 12 لوحة من سلسلتها المعنونة بـ "روحي الخالدة" يظهر فيها تمازج الأشكال الاستحواذية مع الألوان الزاهية في مساحات كبيرة، كما يضم المعرض أعمال كوساما التركيبية متعددة الوسائط، التي أنجزتها عام 2013، تحت مسمى "الاستحواذ النقطي"، وهي عبارة عن مجموعة من كرات النفخ هائلة الحجم تحيط بغرفة مقببة لا متناهية. إن دخول هذه اللامتناهي المتخيل والمرايا متجاورة في داخله، يجعل من الناظر جزءاً من الغرفة، منعكساً إلى ما لا نهاية مع النقاط وبالتالي فإنه يصبح مساهماً أو مؤدياً في "استحواذ النقاط".
تقييم حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون.
غرفة الطمس
يايوي كوساما
2002-الوقت الحاضر
أثاث، طلاء أبيض، ملصقات منّقطة
أبعاد مختلفة
عمل فني تعاوني بين الفنانة يايوي كوساما وغاليري كوينزلاند للفنون.
بتكليف من غاليري كوينزلاند للفنون.
إهداء من الفنانة بواسطة مؤسسة غاليري كوينزلاند للفنون 2012.
مقتنيات: غاليري كوينزلاند للفنون، أسراليا.
لقطة من العمل الفني
المباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون، 2016.
تعرض الصورة بإذن من مؤسسة الشارقة للفنون.
مواضيع ذات صلة
يايوي كوساما
صاغت الفنانة يايوي كوساما ممارسة فريدة امتدت على مدار ستة عقود.