نظرة عامة

يظهر الريف الفيتنامي في عمل الفنانة فان ثاو نغوين كموطن للأحلام حيث يتطور التاريخ الثقافي والسياسي. ويستكشف عملها التركيبي في بينالي الشارقة 14 أنماط الحكايا التاريخية، ويستقصي الاعتماد على الأرشيف المادي والذاكرة الثقافية سبيلاً لتضمين التجارب المهملة.

ويسبر عملها الفني "القمح الأخرس" (2019) الحادثة التي قلما يتم الحديث عنها والمتمثلة في المجاعة التي وقعت عام 1945 في دلتا النهر الأحمر في الهند الصينية الفرنسية إبان الاحتلال الياباني (1940-1945)، حيث قضى في هذه المنطقة من شمال فيتنام ما يزيد عن مليوني شخص بسبب الجوع، ومردّ ذلك جزئياً إلى المطالب اليابانية بزرع نبات الجوت عوضاً عن الأرز لدعم اقتصاد اليابان الحربي. ومن خلال سرد ما جرى على لسان مراهقين يروي كل منهما الأحداث من وجهة نظره الخاصة، ينسج "القمح الأخرس" سرد تو هواي النثري حول المجاعة، والتاريخ الشفاهي المأخوذ من متحف الثورة في هانوي الذي سجله المؤرخ فان تاو، وعناصر روحانية من الحكايات الشعبية الفيتنامية، والتسجيلات الغنائية التي تستحضر المجموعة القصصية التي ألفها الكاتب الياباني الذي عاش بعد الحرب ياسوناري كواباتا وحملت عنوان "حكايا راحة الكف".

ويدور العمل حول شابة اسمها تام تتحول إلى طيف جائع عاجز عن الانتقال إلى الحياة الأخرى، و"با" الذي يبحث بلهفة عن شقيقته. ويجسد با (مارس) وتام (أغسطس) أفقر الأشهر في التقويم القمري، حينما اقترض المزارعون المال ذات يوم ولجأوا للقيام بأعمال إضافية لسد رمقهم. وتتخلل المشاهد التي يظهر فيها بطلا العمل مشاهد للمناظر الطبيعية لمنطقة دلتا النهر الأحمر و"أكشاك حراسة"، ومراكز العبور التي انتشرت في حقبة الهند الصينية الفرنسية وربطت بين حقول الأرز مع القرية. وتعد أكشاك الحراسة شاهداً على تاريخ المجاعة وأعمال العنف الذي اقترفها الشيوعيون خلال حقبة الإصلاح الزراعي (1954- 1975)، والتي قسّمت فيتنام سياسياً. ورغم أن الحديث عن المجاعة التي شهدها العام 1945 ليس محظوراً ولا يعتبر أمراً محرّماً، إلا أن التاريخ الرسمي نادراً ما يذكرها، كما لا يتطرق إلى تلف المحاصيل في ظل الإصلاح الزراعي الفرنسي أو الأعاصير والفيضانات المدمرة التي خلّفت وراءها ملايين الناس الرازحين تحت وطأة فقر مدقع أثناء تلك الفترة. ويمكن أيضاً رؤية هذا الشد والجذب بين التاريخ الرسمي من جهة وغير الرسمي من جهة ثانية في مشاريع أنتاريكسا وأحمد فؤاد عثمان الموجودة في الصالات الفنية المجاورة.

مواضيع ذات صلة

القمح الأخرس (2019)

فان ثاو نغوين

فان ثاو نغوين فنانة وسائط متعددة، تشمل ممارستها الرسم والأعمال التركيبية و"مجالات المسرح"، بما يتضمن ما تصفه بملامح من الأداء والصور المتحركة.