إطلالة من نافذة شركة كیرین السنغالیة الشھیرة للمیاه المعدنیة، داكار، 2016. © قادر عطية. تعرض الصورة بإذن من مؤسسة الشارقة للفنون.


نظرة عامة

تمتد ورشة "يحيا استقلال المياه" ليومين تجري فيهما معاينة العلاقة بين المياه والمعتقد. ويأتي ذلك في سياق التقاليد والروحانية، والعقلانية أو الفكر المعاصر، حيث شكّلت المياه لقرون عدة مصدر الحياة ومنبعاً للسحر والاستكشاف، وجرت دراستها وشرحها واستهلاكها إلى ما لا نهاية. ويبقى السؤال في عصر فقدان الذاكرة وغطرسة الإنسان كامناً في كيفية استعادة العلاقة الأمومية بين هذا العنصر الأساسي وكل أشكال الحياة؟ وهل يدعو ذلك إلى إعادة اختراع الثقافة الفطرية التي انتجتها البشرية بينما كانت في طور التشكل بتحريرها والانسلاخ عنها على قدم المساواة.


اليوم الأول: المعتقدات واللا معرفة
8 يناير

المياه موضوع واسع يتجاوز صعود وسقوط الحضارات، إذ لا يمكن مقاربته على نحو كامل، كما أن الإلمام به بشمولية أمر عصي، ولهذا فإنه بلا نهاية. عند تأمل المياه بوصفها نقطة انطلاق للورشة، تتبدّى سيولة العنصر على الصعيدين الفيزيولوجي والفلسفي، ما يجعل من الصعوبة بمكان عقلنة فهم ثابت أو ادعائه. لقد استهجنت البشرية إلى ما لا نهاية التفكير بالمياه، إلا أن ضرورات شديدة الإلحاح تتطلب في زمننا الراهن أن نعيد تشكيل هذه العلاقة، فمن المستحيل اليوم التفكير بالمياه من دون التفكير بالكوارث المقبلة، حيث القحط يهدد أكثر من مكان على سطح الأرض بينما يعيش آخرون تحت رحمة الفيضانات الهائلة.

يركز اليوم الأول المعنون بـ "المعتقدات واللا معرفة" على استحضار الأثر النفسي للمياه على البشر في فترات مترامية من الزمن ومعاينة الهدف الكامن بنقل هذا الإرث إلى أجيال المستقبل. تشكل المياه جوهر هذه النقاشات، سواء جرى تناول العمارة الأرضية، أو العرافة والسحر أو سبل الحماية أثناء العاصفة. فالمياه هنا تعطي مجازاً لتدفق اللغة وسيولة التبادل والميراث.

يتصدى مشروع "يحيا استقلال المياه" لأسئلة ثقافية على اتصال بموضوع المياه. سيوظف هذا اليوم طرقاً متعددة من وسائط تشارك المعرفة مثل عروض الأفلام والمحاضرات وغيرها من وسائط، إضافة لخلق نوع من الحوار والنقاش عبر التأسيس لعلاقة بين المشاركين والمتابعين وتحقيق مقاربة حميمة للموضوعات التي تعلي من أواصر هذه العلاقة مع موضوع المياه.

يشارك في هذه الورشة عدد من المتخصصين والمشتغلين في حقول إبداعية متعددة مثل السينما والعمارة والصورة والكتابة وهم: الشاعرة رشيدة مداني (المغرب)، المهندسة المعمارية سامية راب كريشنار(باكستان)، الفنان مارسيل ديناهت (فرنسا)، الأنثروبولجية إبراهيما سو (السنغال)، المهندسة المعمارية ياسمين تركي (الجزائر)، الفنان والهيدرولوجي كريستوف كيلر (ألمانيا)، وليقوموا جميعاً ببناء نقاش ينضوي تحت عنوان الورشة "يحيا استقلال المياه".

اليوم الثاني: الحياة اليومية للسيطرة السياسية على السيولة
9 يناير

بعد انقضاء اليوم الأول في نبش أعماق الأشكال القديمة والجماعية للأشكال المتعلقة بالمياه وعلاقتها المعاصرة بعالم اليوم، يأتي اليوم الثاني تحت عنوان " الحياة اليومية للسيطرة السياسية على السيولة" ليجري التركيز فيه على المقاربات البراغماتية للمياه وموضوعات على اتصال بمتطلبات الحاضر. تعتبر المياه في أساطير ومعتقدات كثيرة مصدراً حيوياً للحياة، إلا أنها في أفريقيا اليوم تعتبر على اتصال وثيق بالموت، إن هذا الإدراك يمنح دفعاً لتطوير الاكتشاف الاجتماعي والسياسي للمياه ما يتيح التفكير بمضامين استقلالها.

وهكذا فإن معاينة المياه في هذا اليوم ستنتقل من الأبعاد الثقافية إلى الأثنية، إذ سيجري تطوير زوايا الرؤية نحو هذا الموضوع وتوسيعه ليشمل الانتاج المعرفي، والسياسات، ورأس المال، والهجرة وتأمل كيف لهذا العنصر أن يسيطر على ما هو غير أساسي في السيكولوجي إضافة للمعالم الملموسة للحياة اليومية حتى وإن كانت المياه غير متواجدة في مجال الرؤية. ستستقرأ ورشة " الحياة اليومية للسيطرة السياسية على السيولة" موضوع المياه في القرن العشرين في سياق يمتد من مرحلة الاستعمار وإلى يومنا هذا.

سيقدم كل من السنغاليين الفنان كيمي باسيني ووزير البيئة والثروة السمكية الأسبق علي حيدر قراءة تاريخية وسياسية واجتماعية وقانونية لأوضاع المياه في مقاطعات بيول في شمال السنغال، كما سيقدم الفنانان والناشطان تشارلز هيلر من سويسرا ولورنزو بيزاني من إيطاليا من مجموعة "عين على المتوسط" طرقاً جديدة موسعة للتصورات المتعلقة بالبحر الأبيض المتوسط.

سيقدّم هيتو ستيلر (ألمانيا) فيلماً يقارب موضوع المياه عبر أشكال من الانتاجية الإنسانية في ظل الرأسمالية النيوليبرالية، بينما ستستعرض الفيلسوفة سلوى لوستي بولبينا (الجزائر) مجاز تدفق السوائل معاينةً جسد الإنسان بوصفه حيزاً لصراع يندرج في سياق التحكم السكاني.

كما تعاين مجموعة القيمين "شعب مفقود" عبرمقاربة تشريعات قضائية سياسية دور المياه في تنقلات السكان الجماعية على اعتبارها من أعظم الكوارث التي شهدها القرن الواحد والعشرين.

وفي مزج بين الشعر والموسيقا سيقدّم البرفسور مالك ضيوف من جامعة داكار لصيادي الأسماك والثقافة المائية مختارات من الأغاني التقليدية التي ستؤديها في أداء حي نساء نيومينكا من قرية دينوير.