نظرة عامة

اختتم بينالي الشارقة "تماوج" مساء أمس فعاليات الفصل الثاني من دورته الثالثة عشر، ومشروعه الرابع والأخير "على طبق مخاتل" في بيروت. حيث شهدت المدينة تظاهرة ثقافية متكاملة تنوعت بين المحاضرات والمعارض وعروض الأداء والأفلام والمسرح، وذلك في مقاربة جمالية للمفاهيم التي طرحها "تماوج"، وبالتحديد ثيمة "الطهو" التي اختارتها القيّمة كريستين طعمة، كي تكون ختام المشاريع الموازية التي جسّدت ثيمات البينالي.

وبهذا يضع البينالي رحاله بعد جولة في المدن والمفاهيم التي جابت كلاً من اسطنبول وبيروت وداكار ورام الله والشارقة. وفي هذا السياق ذكرت الشيخة حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون ومدير البينالي: "لقد اختبر "تماوج" وعلى امتداد عامٍ كامل، العديدَ من القضايا المحوريةِ التي قاربتْ المكوّنات الثقافية والاجتماعية في المنطقة، عَبرَ صياغةِ برنامجٍ متكاملٍ من العروض والفعاليات والمشاريع الموازية التي توزعتْ على خمسِ مدنٍ، مثّلتْ الشارقة نقطةَ ارتكازِها الرئيسية"، وأضافت القاسمي: " إنّ هذه المشاريع في صيغتها المتكاملة، إلى جانب "مدرسة بينالي الشارقة الثالث عشر تشكّلُ بمجملِها رؤيةَ كريستين طعمة في صياغةِ دورةٍ استثنائية تجاوزتْ الحدودَ الجغرافية، والمفاهيم المعتادة حول ماهيّة البينالي، وأوجدتْ حالةً من الحراك المستمر والتفاعل، بينَ مختلفِ البُنى الاجتماعية والمؤسساتية، وبين تعبيراتِها الفنيةِ والثقافية".

فصل الختام

شهد الفصل الثاني من بينالي الشارقة 13 إطلاق معرضين للقيّمين هشام خالدي وريم فضة في مركز بيروت للفن ومتحف نقولا سرسق. حيث يستكشف معرض "ثمرة النوم" بإشراف القيّمة ريم فضة، فكرة السبات بوصفه مجازاً مواتياً للتعبير عن تجربة جسدية، تثمر لغة تشكيلية تصبو إلى المزيد. يستغرق الفنانون في هذا المعرض في عمق الخيال، فيسخّرون الجماليات - بحسٍّ تأمليٍّ عالٍ - بغية توظيف الفن في خدمة قضايا مجتمعية مُلحّة. بينما يسعى هشام خالدي في معرضه "تعبير لا يمكن التنبؤ به عن قدرة الإنسان" في مركز بيروت للفن، لمناقشة اللحظة الراهنة للحرمان من الحرية، والتي تشهد تحوّلات لا يمكن تجاهلها، يحتجّ فيها جيل شاب محبَط على قرارات فرضتها عليهم أجيال سالفة، وإرث لا يد لهم فيه.

وحول ثيمة العروض التي تضمنها فصل الختام "على طبق مخاتل"، قالت كريستين طعمة قيمة البينالي: "إنه يستقرئ إرثنا المطبخي، في إنتاجنا واستهلاكنا له، وكيف تسهم عاداتنا الغذائية في تشكيل أمزجتنا الثقافية والسيكولوجية"، وأضافت: "يتحرى الفصل الثاني الجسد باعتباره موضعاً للتحلل والتفسخ والتلوث، وباعتباره أيضاً موضعاً لعمليات الهضم والصيروارت".

سعى بينالي الشارقة في هذه الدورة إلى صوغ تساؤلات وطرح أجوبة حول واقع الفن وما يحتكم عليه من إمكانيات، وذلك بمنهجيّة قائمة على سياسات التعاون بين الأمكنة التي يشتبك ويلتقي معها البينالي، محاولاً الابتعاد عن طمأنينة المثالية والتورط في ما هو عملي وملموس، في منطقة تكاثرت فيها المؤسسات الكبرى وتهالكت فيها البنى التحتية. وعليه فإن فكرة البينالي توسعت بواسطة التفاعل و"التدخّل" الحيويّ والضروريّ لإنعاش تلك البُنى والسياقات المحليّة وريّها، على أرض غنيّة بشبكات عفويّة تتّصف بالخفّة والهشاشة.

وقد استثمرت طعمة موقع الشارقة الفريد في المنطقة لتمديد فترة البينالي عبر تقاطعات مع مدن مختلفة، حيث دعت أربعة محاورين لخلق منصات متنوعة للحوار الفني والإنتاج عبر أربعة مواقع أخرى. وقد نظم هؤلاء المحاورين مشاريع تتمحور حول الكلمات المفتاحية التي تضم الأطر المفاهيمية لبينالي الشارقة 13: حيث استكشف قادر عطيه ثيمة "الماء" عبر مشروعه "يحيا استقلال المياه" في داكار (8-9 يناير 2017)؛ وتأملت زينب أوز ثيمة "المحاصيل" من خلال مشروعها "بهر" في اسطنبول (13-16 مايو 2017). بينما عاينت لارا خالدي عبر مشروعها "أراضً منقلبة" ثيمة "الأرض" في رام الله (10-14 أغسطس 2017)، وقدم ممثلين عن "أشكال ألوان" (الجمعية اللبنانية للفنون التشكلية) انعكاساً لثيمة "الطهي" من خلال مشروع "على طبق مخاتل" في بيروت.

هذا وقد عمل المحاورون عن كثب مع باحثين في الشارقة والمواقع الأخرى على رفد "شبشب" (مساحة تخزين رقمية مركزية) بمواد بحثية استثنائية مدّعمة بمختلف الوسائط والصور والنصوص التي تعالج الكلمات المفتاحية الأربعة للبينالي. كما تعاون المحاورون أيضاً مع محرري الموقع الإلكتروني "تماوج" لتقديم مجموعة من المواد والمقالات جرى التكليف بها بما يجسد محتوى الكلمات المفتاحية، ما جعل منصة "شبشب" في متناول الجمهور عبر توفير تحميل تلك المواد.

انطلق بينالي الشارقة 13 في أكتوبر 2016 بافتتاح مدرسة بينالي الشارقة 13، وهو برنامج تعليمي امتد على مدار العام، شاركت فيه المجتمعات المحلية في عموم إمارة الشارقة، وقد ركز البرنامج على الحِرف، وفنون الطهي، والفنون الرقمية، والزراعة، والموسيقى. كما دعت طعمة خلال الفصل الأول من بينالي الشارقة 13 الذي أقيم في الشارقة أكثر من 70 فناناً لتقديم أعمال تعكس الثيمات الرئيسية لهذه الدورة. وقد تم عرض الأعمال في عدة مواقع في أنحاء الإمارة، بما في ذلك استوديوهات الحمرية التي تم افتتاحها مؤخراً، كما عُرضت أعمال مكلفة جديدة. كما جاء لقاء مارس 2017 بالتزامن مع البينالي متضمناً حلقات نقاش، وحوارات، وعروض أفلام، ومجموعة متنوعة من عروض الأداء المرتبطة بالإطار المفاهيمي لبينالي الشارقة 13. وقد حصل كل من انجي إيفينز وأوريل أورلو ودينو سيشي بوباب ووليد سيتي على جائزة بينالي الشارقة 13، كما منحت جائزة تقديرية للفنان الفلسطيني الراحل علي جابري (1943 – 2002) مخصصة لترميم أعماله الفنية.

لتحميل البيان الصحفي يرجى الضغط هنا.